لقد نسينا نكهة الزمن: ما الذي سلبه هوس السرعة في العصر الرقمي؟
لا تحدد التكنولوجيا الآن ليس فقط وصولنا إلى المعلومات ولكن أيضًا سرعة إدراكنا للمعلومات. فالفيديو الذي يزيد طوله عن 15 ثانية يعتبر "مملاً"، والخبر الذي يزيد طوله عن 200 كلمة يعتبر "أكثر من اللازم".

وفقًا للعلماء، يعيش الإنسان المعاصر حياة "عاجلة" أكثر من أي وقت مضى في التاريخ. فقد أصبح الانتظار والتفكير والراحة رفاهية. تدفقات وسائل التواصل الاجتماعي، والمحتوى سريع الاستهلاك، والبحث عن الإشباع الفوري يحبس أدمغتنا باستمرار في "الآن".
يصف علماء النفس هذا الوضع بـ "متلازمة ثقافة السرعة". على الرغم من أن الرغبة المستمرة في الانتقال إلى المحتوى التالي تزيد من مستويات الدوبامين بشكل مؤقت، إلا أنها تقصر من فترة الانتباه وتزيد من الإرهاق الذهني على المدى الطويل. تقول أخصائية علم النفس العصبي الدكتورة ليلى كارامان: "يتكيف دماغنا بسرعة، لكن قدرتنا على إنتاج المعنى تتخلف عن الركب. لم نعد نهضم المعلومات، بل نبتلعها فقط."
"التباطؤ" أصبح الآن مقاومة
في العالم المعاصر، أصبح "التباطؤ" في العالم الحديث فعلًا سياسيًا تقريبًا. فحركات "الحياة البطيئة" و"التخلص من السموم الرقمية" هي حركات تمرد صامتة ضد الضغط الذي تسببه التكنولوجيا.
لقد عادت مفاهيم الأكل البطيء والسفر البطيء وحتى الأخبار البطيئة إلى الظهور مرة أخرى. لم يعد الناس يتوقون إلى المعلومات، بل إلى العمق. ويلخّص الكاتب الفرنسي بيير دوفال هذا التناقض بقوله: "كنا ندير الوقت، والآن أصبح الوقت يديرنا؛ والأكثر مأساوية أننا لم نعد نستطيع حتى الاستمتاع بالسرعة".
توفير الوقت أم ضياع الوقت؟
بينما تخبرنا التكنولوجيا أنها "توفر الوقت"، إلا أنها في الواقع علمتنا أن نملأ كل ثانية. فاللحظات التي كانت فارغة في السابق - انتظار الحافلة، المشي، الهدوء - أصبحت الآن مليئة بالشاشات. تم استبدال الفراغ الذهني بانشغال لا نهاية له.
وفقًا للأبحاث، بحلول عام 2025، سيقضي المستخدم العادي 4.5 ساعة يوميًا على الأجهزة المحمولة. لذا فإن كل ساعة خامسة من كل يوم نستيقظ فيه، تصبح الحياة غير متصلة بالإنترنت.
رفاهية "التوقف لبعض الوقت"
وفقًا للخبراء، فإن الطريقة الوحيدة للحفاظ على التوازن الذهني في عصر السرعة هي أخذ "استراحات بطيئة" واعية. عادة بسيطة ولكنها صعبة: عدم القيام بأي شيء.
إن الزيادة في ممارسات التأمل ومخيمات التخلص من السموم الرقمية هي نتيجة لهذه الحاجة. لأن الإنسان الحديث يتوق الآن إلى الصمت أكثر من التكنولوجيا.
ما هو رد فعلك؟






